الخميس، 27 مارس 2014

متابعات رقوم الموضوع 22


2ايضا وقد زادها اهل الجهل جهلا وكتبوا الجهلاء ايضا جهلا الي ان وصلتنا في قرننا هذا القرن التعيس14
ان السوابق في بحوثنا عن العنصريه لدى بعض  الامم المختلفة والأديان السماويه تجعلنا نفتح باب مواربا لنستطلع ما هو موقع  العرب من الغلو والعنصرية وهل نستطيع بكل تجرد وحياديه ان نوضع مدلولات عن عنصريه العرب وغلوهم في الماضي الجاهلي والحاضر الماثل متأملين الغلو الذي كبر وترعرع بين المسلمين بالرغم من ان الدين الاسلامي قد حارب  الغلو والعنصرية والتكبر والتجبر وكان لا بد لنا من الربط بين ألازمنه لنستطلع كيف كانوا والى اين وصلوا بالرغم من كون ألازمنه مختلفة وقد كنا بصدد ان نجزئ الموضوع إلا اننا ارتأينا انه من الافضل لنا وحتى لا تتشتت كتاباتنا وبحوثنا ان نوصلهم بخيط رفيع فنأتي ببعض ما شاع من غلو العرب في الجاهليه والإسلام ونقذف عصفورين بحجر واحد ولا بد من التأكيد على ان الفارق بين المرحلتين مرحله الجاهليه ومرحله الاسلام وما بعده فارق سأشع  ومن المفترض بعد ان دخل الاسلام قلوب كثير من العرب ان يكونوا في اقل الاحوال  اقل حده في عنصريتهم واقل غلوا وتكبرا على غيرهم مع التأكيد هنا على ان الغلو والعنصرية مذاهب هدامة وهناك من العرب والمسلمين من نجى من شرورها وحصنه الله من غوائلها ولهذا فان الاشارة على عدم التعميم مهم جدا هنا حتى لا يظن البعض ان في كلامنا تعميم على الجميع ليس العرب في الجاهليه  او في الاسلام بل ان الامر يتسع ليشمل كل البشرية جمعا ولا بد من استثناءات وان توسعت دائرة الغلو والعنصرية بين مجتمعات بعينها لا بد من استثناءات تدل على ان الخير في النفوس لا ينقطع ولأنه لا بد من تقديم العذر البسيط للعرب في الجاهليه على غلوهم وعنصريتهم فهم في جاهليه إلا ان العذر يأبى ان يحضر بالنسبة للعرب بعد الاسلام فالإسلام من خلال الايات العظيمه العديدة التي تحث على كرامه بني ادم وعلى مساواتهم في الحقوق والواجبات والأحاديث النبوية كثيره في هذا الباب وبرغم ذلك انتشرت الجرثومة البغيضة في نفوس البعض وأصبحت وباء اجتاح مجاميع وقبائل وطوائف وأشخاص قالو لا اله الا الله  وصدقوا وامنوا ولكنهم ايضا مارسوا الغلو والعنصرية  ومما يجعل العذر للقدماء ابسط واقرب للواقع فانه حتى العرب بعد الاسلام قسمو العرب الى قسمين فقامو بتسميه العرب قبل الاسلام باسم الجاهليه ومن مدلول كلمه الجاهليه التي تدل على الجهل في اول معانيها يتضح الامر للمتابع فالجهل هو  الاب الروحي وهو التوئم الشقيق لكل الموبقات ومنها التكبر والغلو ورهاننا هو هل نستطيع فعلا ان نسلط الضوء على غلو وعنصريه العرب فقد كانت كتاباتنا عن امم واديان مختلفه وربما تحاملنا عليهم دون ان نشعر وتحاملنا عليهم ليس بذكر معلومات وتفاصيل كاذبه وانما من خلال الحرص على تجميع كم كبير من تلك التفاصيل للدلاله على ما نود تاكيده فهل سيسعفنا البحث اولا والعقل ثانيا بايراد كم من تفاصيل عن غلو وعنصريه العرب هذا ما اتمناه لكي اخرج نفسي من اطار المتحامل على الغير المجامل لعنصري العربي كوني منهم  - لقد تسربت العنصريه للعرب من خلال  اختلاطهم بالامم السابقه اليونان والفرس وهم اقوى قوتين في العالم في تلك الفتره ثم من الديانات السابقه اليهوديه ثم المسيحيه كديانات سماويه والمجوسيه كديانه مختلف بامرها ولهذا فان العرب كان لهم غلو كبيرا في عباداتهم لقد كان لبعض الامم معبودا واحدا فقط او معبودان الا ان الامر لدى العرب اختلف كثيرا فتعددت الالهه التي كانو يعبدونها وتعددها بتعدد القبائل -  واذا ما فتحنا كتاب العنصريه والغلو والتكبر والتجبر على مصراعيه واطلعنا على كم وسع من تجارب الامم والاديان في عصور مختلفه فاننا سنعجب اشد العجب من تقاطع التفاصيل بعضها ببعض بحيث تشعر ان الامم تستنسخ تجارب الامم الاخرى بحذافيرها مما يلقي بظلال من الشكوك حول اسس وطرق انتشار تلك العادات بين البشر وعبر أي طريق ومسار ولماذا تتكرر كثير من تلك الطقوس والممارسات في اوساط شعوب وامم مختلفه في المعيشه والفكر والدين ولا شك البته لدينا بان كثيرا من الحروب وكم هائل من العداوات التي سجل التاريخ بين صفحاته اسفارا عنها ما بين شعوب او قبائل او امم او افراد انما كانت بذرتها الاساسيه الغلو والعنصريه ارجعو الى تاريخ العالم ستجدون ان الحروب في معظمها كانت بسبب غلو وعنصريه وتكبر وتجبر ونبذ الاخر والتميز عليه واخضاعه واهانته  ولو تجولنا فاننا سناتي بالامثله الحيه الداله الدامغه ولكننا سنتنحى عن هذا المسار وربما طرقناه تحت دفع الظروف لا حقا– ان العرب مثلهم مثل بقيه الامم يؤثرون ويتاثرون الا انهم تميزو عن بقيه الامم بكثير من الصفات  والعادات الحسنه ولعله يجدر بنا ان نضع بعضا منها قبل ان نسير في درب معاكس لكي نتابع غلو وعنصريه العرب وتكبرهم وتجبرهم في الجاهليه والاسلام ذاكرين بعض ما يعاني منه مجتمعنا العربي في وقتنا هذا وفي تحرينا لبعض  الصفاة الحسنه في الانسان العربي لا يعني ابدا ان نهمل ما سجلته كتب التاريخ عن غلو وتعنصر الا اننا ونحن معتقدين ان الغله التي سوف نوردها عن غلو عنصريه العرب ستكون كبيره ولهذا سنبداء بذكر الحسنات حتى اذا وصلنا الى ذكر السيئات لا يلومنا لائم  ولعل من اسباب ذكر الصفات الجسنه لدى عرب الجاهليه والتركيز عليها يحيلنا ايضا الى اسقاط تلك المحاسن على وقتنا الراهن عند العرب والمسلمين في هذا العصر وهل يتميزون بما تميز به ذلك المجتمع الجاهلي القديم من اخلاق وصفات حسنه وهل ثبت الاسلام بمفاهيمه وتعاليمه الساميه في كل مناحى الحياه فيهم بذور الخير ام ان بعضهم لم يستطع ان ياتمر باوامر الاسلام ولم يستطع ان يكون مثالا على الاقل لعرب الجاهليه ولهذا سوف نطرح سؤالا بعد كل تفصيل من تفاصيل حسنات العرب في الجاهليه لكي نتبين هل بعض اهل هذا الزمان لا زالوا يتمتعون ببعض اخلاق الجاهليه الكريمه التي اقرها الاسلام ام انهم لم يحافظوا على تلك الاخلاق ولم يحافظو على اخلاق المسلمين فلا ذا تاتى ولا ذا حصل ونحن هنا نتحدث عن البعض ولا نقول الكل فالخير في امه محمد صلى الله عليه وسلم الى قيام الساعه  وهناك امم من الناس ديدنها المعروف والاحسان والخير والجود والجميل والمعامله بالحسنى فلا يلفتنا هذا عن ذلك ولا ينسحب عمل الاخرق على الرزين - ومن اهم صفاه العربي الحسنه  الصدق فالعربي القح لا يكذب (وهذا لا يعني التعميم ايضا) وقد عرف هذا الخلق الكريم في الجاهليه فقد كانت اخلاق العربي تمنعه من الكذب وزاد هذا الامر في الاسلام الذي عني بجعل الكذب من اكبر الصفاه المذمومه  قال تعالى {مَّا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً }  الكهف 5   وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يَكُونَ صِدِّيقًا وَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا - رواه البخاري عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وقال عليه الصلاه والسلام (يُطْبَعُ الْمُؤْمِنُ عَلَى الْخِلَالِ كُلِّهَا إِلَّا الْخِيَانَةَ وَالْكَذِبَ))رواه أحمد عَنْ أَبِي أُمَامَةَ]وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن الكذب لايتفق مع الإيمان , وذلك فيما أخرجه الإمام مالك من حديث صفوان بن سليم رضي الله عنه قال: قلنا : يارسول الله أيكون المؤمن جبانا ؟ قال: نعم , قيل له : أيكون بخيلا ؟ قال : نعم , قيل : أيكون المؤمن كذابا ؟ قال : لا-  ولو شئنا ان ناتي بامثله على ان العربي الجاهلي قلما يكذب فان الامر سهل اما وبعد ان دخل الاسلام قلوب العرب في العصر الاول من الاسلام فان الكذب اصبح خطيئه من الخطايا لا يرتكبها  الا منافق وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (آيَةُ المُنافِقِ ثَلاثٌ: إذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أخْلَفَ، وَإِذَا ائْتُمِنَ خانَ".)رواه البخاري (33) ومسلم (59)والكذب ليس من شِيم الأكابر، بل هو من شِيم الأصاغر، الذين هانوا على أنفسهم فهان عليهم الكذب، ولو كانوا كبارًا في أعين أنفسهم لنأوا بها عن الكذب. قال الشاعر:
لا يكذب المرء إلا من مهانته     أو فعله السوء أو من قلة الأدب
لبعض جيفة كلب خير رائحة     من كذبة المرء في جدٍّ وفي لعب
ولا يجوز الكذب في الاسلام الا في مواضع ثلاث في الحرب وفي الاصلاح بين الناس وفي حديث الرجل لزوجته – ويهمنا ان نعرف في زمننا هذا اين المسلم من الكذب انه ليس استبيان بل هو سئوال مطروح عليكم والرد منكم واليكم فهل يمكن القول ان من نصادقهم ومن نعرفهم ومن نرتبط بهم بقرابه او عمل لا يكذبون في حديثهم معنا وهل ما نقراه و نسمعه ونراه من اكاذيب في الكتب وعبر الرويايات وفي الصحف والمجلات وما يصل الينا عبر التلفاز والمحطات والمذياع وكثير من الاخبار تصل الينا مصوره الا ان الخداع والكذب فيها صناعه فهل لا زال المسلمون يمشون على خطاء من جدودهم في الجاهليه وابائهم الكرام في الاسلام بنبذ الكذب ام ان كثيرا منهم اراقوا هذه الفضيله كما يراق الدم على الارض - الاجابه ستكون صادقه اذا طرحها الانسان على نفسه واجاب عليها لنفسه لا يسمعه ولا يعرف عنه احد -)ومن الخلق العربي الكريم  قِرى الضيف وهو إطعام الضيوف الطعام ولم يكن العربي يطعم الطعام فقط بل كان يتحرى الضيوف ويبحث عنهم ويخدمهم وهناك فارق بين ان تكرم ضيفك وبين ان تبحث عن الضيف ثم تكرمه ،وأول من ضيف الضيفان خليل الرحمن عليه الصلاة والسلام قال الغزالي في الإحياء : كان إبراهيم الخليل عليه السلام إذا أراد الأكل خرج ميلا ، أو ميلين يلتمس من يأكل معه فبصدق نيته دامت ضيافته في مشهده إلى يومنا هذا ، وهو أول من بنى دار الضيافة ، وجعل لها بابين كما أخرجه العسكري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إن الله وسع على خليله في المال ، والخدم فاتخذ بيتا للضيافة له بابان ; يدخل الغريب من أحدهما ويخرج من الآخر وجعل في ذلك البيت كسوة الشتاء والصيف ، ومائدة منصوبة عليها طعام فيأكل الضيف ويلبس إن كان عريانا وقد أثنى الله تعالى عليه في كتابه العزيز في إكرام ضيفه من الملائكة حيث يقول سبحانه(هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ{24} إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَاماً قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ{25} فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاء بِعِجْلٍ سَمِينٍ{26} فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ{27} الذاريات – ولهذا عنى العرب وشعرائهم باكرام الضيف يقول شاعر
إذا المرء وافى منزلا منك طالبا  = قراك وأرمته إليك المسالك  
   فكن باسما في وجهه متهللا = وقل مرحبا أهلا ويوم مبارك
    وقدم له ما تستطيع من القرى = عجولا ولا تبخل بما هو هالك  
   فقد قيل بيتا سالفا متقدما =  تداوله زيد وعمرو ومالك    
 بشاشة وجه المرء خير من القرى =  فكيف بمن يأتي به وهو ضاحك
والكرم العربي معلوم ومشهور وقصصه متوفره لمن يرغب فيها فالشجاعه والكرم صفتان ملازمتان للعربي القح وهي من الصفات  الموروثه من الجاهليه توارثوها تالدا عن تالد وعرف منهم في كل زمان وموقع اشخاص بلغوا ذروه الكرم واشتهرو بذلك ومن أبرزهم وأشهرهم حاتم الطائي الذي كان مضرب المثل فيهم بالكرم ومما يؤثر عنه في ذلك ما ذكره التنوخي في المستجاد قال : إن رجلاً سأل حاتماً الطائي فقال يا حاتم هل غلبك أحد في الكرم ؟ قال نعم غلام يتيم وذلك أنى نزلت بفنائه وكان له عشرة أرؤس من الغنم فعمد إلى رأس فذبحه وأصلح لحمه وقدم إلى وكان فيما قدم الدماغ فقلت طيب والله فخرج من بين يدي وجعل يذبح رأساً بعد رأس ويقدم الدماغ وأنا لا أعلم فلما رجعت لأرحل نظرت حول بيته دماً عظيماً فإذا هو قد ذبح الغنم بأسرها فقلت له لم فعلت ذلك ؟ قال يا سبحان الله تستطيب شيئاً أملكه وأبخل عليك به إن ذلك لسبه على العرب قبيحة فقيل يا حاتم فبماذا عوضته ؟ قال بثلاثمائة ناقة حمراء وبخمسمائة رأس من الغنم فقيل أنت أكرم منه قال هيهات بل هو والله أكرم لأنه جاد بكل ما ملك وأنا جدت بقليل من كثير ومن شعره في الجود(فلا الجود يفنى المال قبل فنائه = ولا البخل في المال الشحيح يزيد)(فلا تلتمس بخلا بعيش مقتر = لكل غد رزق يعود جديد)(ألم ترى أن الرزق غاد ورائح = وأن الذي يعطيك سوف يعود)وقال (واني لعبد الضيف مادام ثاوياً = وما فيّ الا تلك من شيمة العبد)
قال عروة :(فراشي فراش الضيف والبيت بيته = ولم يلهـــــني عنه غزال مقنع)(احدثه ان الحديــــــث مـــــن القرى= وتعلم نفسي انه سوف يهجع)وقالت الخنساء :(وان صخرا لكافينا وسيدنا=  وان صخرا اذا نشتو لنحار) من نجر الابل- ومن الأجواد المشاهير في الجاهلية أيضاً عبد الله بن جدعان وكانت له جفنة يأكل منها الراكب على بعيره ووقع فيها صغير فغرق وذكر ابن قتيبة أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم قال [ لقد كنت أستظل بظل جفنة عبد الله بن جدعان صكة عمَىِّ ] أي وقت الظهيــرة وذكروا أنه كان يطعم التمر والسويق ويسقى اللبن حتى سمع قـول أميــه بــن أبـــى الصلــت (ولقد رأيت الفاعلين وفعلهــــم = فرأيت أكرمهم بنـى الديــــان)
(البر يلبـك بالشهـاد طعامهــــم = لا ما يعللنــا بنــو جدعـــان)فأرسل ابن جدعان إلى الشام ألفي بعير تحمل البر والشهد والسمن وجعل منادياً ينادى كل ليله على ظهر الكعبة أن هلموا إلى جفنه ابن جدعان فقال أميه في ذلك (له داع بمكـة مشمعـــــل = وآخر فـوق كعبتهــا ينـــــادى)(إلى روح مـــن الشيـزى مـلاء = لبــــاب البـــر يلبك بالشهاد)
ولقد أحب العرب الكرم واتخذوا له رموزاً وإشارات فكانت النيران المشتعله هي الدليل على مضارب القبائل حيث يهتدي بها الضيفان وتتبعها في المكانه الكلاب النابحه في جوف الليل  وتسمى الكلب داعي الضمير ومتمم النعم ومشيد الذكر لما يجلب من الأضياف بنباحه وكانوا إذا اشتد البرد وهبت الرياح لم تشب النيران فرقوا الكلاب حوالي الحي وربطوها إلى العتمة لتستوحش فتنبح فتهدى الضلال وتأتى الأضياف على نباحها . يقول شاعر كريم
أيَا ابْنةَ عَبدِ الله وَابنَةَ مَالِكٍ = ويَا ابنَةَ ذِي البُرْدَيْنِ وَالْفرَسِ الْوَرْدِ
إذَا مَا صَنَعْتِ الزَّادَ فالتَمِسِي لَهُ = أكِيلاً فَإِنِّي لَسْتُ آكِلَهُ وَحْدِي
وكانوا يذمون البخل والبخلاء ومن الهجاء الشنيع ماقاله جرير يهجو بني تغلب
قوم إذا أكلوا أخفوا كلامهم = واستوثقوا من رتاج الباب والدار
قوم إذا استنبح الضيفان كلبهم = قالوا لأمهم بولي على النار
فتمنع البول شحا أن تجود به = وما تبول لهم إلا بمقدار
والخبز كالعنبر الهندي عندهم = والقمح خمسون إردبا بدينار
قال الاصمعي وغيره : البيت الأول من هذين البيتين أهجى بيت قالته العرب ، لأنه جمع ضروبا من الهجاء ، لأنه نسبهم إلى البخل ، لكونهم يطفئون نارهم مخافة الضيفان ، وكونهم يبخلون بالماء فيعوضون عنه البول ، وكونهم يبخلون بالحطب فنارهم ضعيفة يطفئها بولة ، وكون تلك البولة بولة عجوز ، وهي أقل من بولة الشابة ، ووصفهم بامتهان أمهم التي تكشف عن عورتها وهي تطفئ النار وذلك للؤمهم ، وأنهم لا خدم لهم .ولو شئنا لاودنا العديد من الامثله مما قاله الشعراء في هذا المجال ما قيل في البخل قول ابن الرومي:
يُقترُ عيسى على نفسهِ = وليسَ بباقٍ ولا خالدِ
فلو يستطيعُ لتقتيرهِ = تنفس من منخر واحد
رضيت لتشتيت أمواله = يدا وارثٍ ليسَ بالحامدِ
وقال اخر(اتقفل مطبخاً لا شيءَ فيهِ = من الدُّنيا تخافُ عليه أكلُ)
فهذا المطبخ استوثقتَ منه = فما بالُ الكنيفِ عليهِ قفلُ
ولكن قد بخلتَ بكلِّ شيءٍ = فحتى السلح منكَ عليك بخل
ومعلوم ان الكنيف هو المختلا او الخلا او الكمبار او المخوال وهو محل تجمع الفضلات اما السلح فالحضرمي يعرف معناه فهو الخراء - ويقول احد الشعراء في ذم البخيل حتى على الذباب ان تصل الى اكله(وإنَّ له لطباخاً وخبزاً = وأنواعَ الفواكهِ والشرابِ)
ولكن دُوَنه حبسٌ وضربٌ = وأبوابٌ تطابقُ دُونَ بابِ
يذودونَ الذُّبابَ يمرُّ عنه = كأمثالِ الملائكةِ الغضابِ
وقال آخر( فتى لرغيفهِ فرط وشغف = واكيلانِ من دُرٍّ وشذرِ )
إذا كسر الرَّغيف بكى عليهِ = بكا الخنساءِ إذا فجعتْ بصخر
ودونَ رغيفهِ قلعُ الثنايا =  وحَرْبٌ مثل وقعةِ يوم بدرِ
وقال اخر (الحابس الرَّوْثَ في أعفاج بغلته = خوفاً على الحبِّ من لقطِ العصافيرِ)على ان هذه الفكره قد نفذها البعض اما رغبه في جمع الروث للاستنفاع به في الزراعه او في الطبخ بدلا ان يسقط ويضيع في الشوارع واما لكي ينفذا امرا الوالى او الحاكم وعدم دفع غرامة من يوسخ الشوارع فيكون الفعل منه لنظافة الشوارع والبيئه -
وأجود ما قيل في البخل قول بعضهم:
يحصنُ زَاده عن كلِّ ضرس= ويعمل ضرسه في كلِّ زادِ
ولا يَرْوِي من الآداب شيئاً = سوى بيتٍ لأبرَهَةَ الأيادي
قليلُ المالِ تُصلحهُ فيبقى = ولا يبقى الكثيرُ مع الفسادِ
إذا بَكْرَّيةٌ وَلدَتْ غُلاَماً = فَيا لُؤْماً لِذلِكَ منْ غُلاَمِ
 
يُزاحِمُ في الْمآدِبِ كلَّ عبْدٍ = وَلبْسَ لَدَى الْحِفاظِ بِذِي زِحامِ
أتى رجل الحطيئة وهو في غنم له فقال له يا صاحب الغنم فرفع الحطيئة العصا وقال إنها عجراء من سلم فقال الرجل إني ضيف فقال للضيفان أعددتها فانصرف عنه قال إسحاق وقال غيرهما إن الرجل قال له السلام عليكم فقال له عجراء من سلم فقال السلام عليكم فقال أعددتها للطراق فأعاد السلام فقال له إن شئت قمت بها إليك فانصرف الرجل عنه
وقيل بخلاء العرب أربعة الحطيئة، وحميد الأرقط، وأبو الأسود الدؤلى، وخالد بن صفوان.
فأما الحطيئة، فمر به إنسان وهو على باب داره وبيده عصا، فقال: أنا ضيف فأشار إلى العصا، وقال لكعاب الضيفان أعددتها.وأما حميد الارقط فكان هجاء للضيفان، فحاشا عليهم نزل به مرة أضياف، فأطعمهم تمرا وهجاهم وذكر أنهم أكلوه بنواه.وأما أبو الأسود، فتصدق على سائل بتمره، فقال له: جعل الله نصيبك من الجنة مثلها، وكان يقول لو أطعنا المساكين في اموالنا كنا أسوأ حالا منهم.وأما خالد بن صفوان، فكان يقول للدرهم إذا دخل عليه: يا عيار كم تعير وكم تطوف وتطير؟ لأطيلن حبسك ثم يطرحه في الصندوق ويقفل عليه، وقيل له: لم لا تنفق ومالك عريض؟ فقال: الدهر أعرض منه."وقد قيل ان الكرم العربي له عدة دوافع وأسباب نستطيع اهمها الطبيعه الجافه والفقيره في الجزيره العربيه حتى لقد قيل لاحدهم ما ذا تاكلون فرد قائلا ما هب ودب ولهذا فان البدوي المترحل باحثا عن الماء والكلاء  في وسط بيئة قاحله ادرك ما له وما عليه تجاه الضيف  عالما انه عاجلا او اجل سوف يمر بتلك التجربه سواء ان يكون مضيفا او ضيفا ولهذا يتمسك العربي بتلك القيم في قرى الضيف  واعانه المحتاج ونصرة المظلوم فتمسكه بها يعني تمسك غيره بها ايضا فتعم الفائده –ايضا فان طبيعه العربي وحبه للفخر والتباهي بخصال السخاء والكرم والاباء دور هام في تثبيت تلك الخصال خصوصا وهم اصحاب حروب وقتال مستمر وسرعان ما ينتشر الفقر والضر والبلاء بينهم فكان لزاما ان يكونو على صفه نقيضه من ذلك ولهذا ترسخت هذه القيمه لدى العرب في الاسلام قال تعالى (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً{7} وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً{8} إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً{9} إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً{10} فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً- الانسان)وقال تعالى ( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنه عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ) آل عمران 133 - 134 وقال تعالى ( إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية يرجــون تجارة لن تبور ) فاطر 67 وقال ( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وما تنفقوا من شئ فإن الله به عليم ) آل عمران 92 وقال ( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبه أنبتت سبع سنابل في كل سنبله مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم ) البقرة 261 ( وما تنفقوا من خير فلأنفسكم وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله وما تنفقوا من خير يوف إليكم وأنت لا تظلمون )البقرة 272 ( فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى ) الليل 5-10 كما تعددت الأحاديث النبوية لهذه الأمة تدعوا المسلمين للبذل والسخاء وتبين لهم أنه طريق من طرق النجاة فالكرم مكرمه يجلها العرب ويحمد ويثنى على من يقوم بها  فجاء الإسلام بتقريره وتأكيده إذ قال رسول الله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ-:(من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ). البخاري، الفتح،رقم(5672). وعن ابن عباس رضى الله عنهما أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم قال [ إن الله تعالى جواد يجب الجود ويحب معالي الأخلاق ويكره سفسافها ] رواة الترمذي وعن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم قال [ ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما اللهم أعط منفقاً خلفا ويقول الآخر اللهم أعط ممسكاً تلفاً ] رواة البخاري ، وعن أبى ذر رضى الله عنه قال قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم [ ما من مسلم ينفق من كل مال له زوجين في سبيل الله إلا استقبلته حجبة الجنة كلهم يدعوه إلى ما عنده] رواة أحمد ، وعن على رضى الله عنه قال قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم [ إن في الجنة غرفاً يرى بطونها من ظهورها وظهورها من بطونها فقال أعرابي لمن هي يا رسول الله قال هي لمن طيب الكلام وأطعم الطعام وأفشى السلام وصلى بالليل والناس نيام ] رواه الترمذي ،   وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رجل للنبي  صلى الله عليه وسلم يا رسول الله أي الصدقة أفضل ؟ قال [ أن تصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا ولفلان كذا وقد كان لفلان] رواه مسلم ، كما ثبت عن رسول الله  صلى الله عليه وسلم أنه قال [ لا يجتمع شح وإيمان في قلب عبد أبداً] صحيح الجامع 7616وفى حديث آخر [ شر ما في رجل شح هالع وجبن خالع ] رواه أبو داود وفى حديث آخر [ اتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم ] رواه مسلم  والفارق بين البخل والشح كبير فالبخل هو ان يبخل الانسان على غيره ولكنه ينفق على نفسه وعياله  بعكس الشح فان صاحبه يبخل حتى على الانفاق على نفسه وعياله وقد خذر المولى من الشح قال تعالى  (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) الحشر:9  .كما كان رسول الله  صلى الله عليه وسلم أعظم قدوة عملية للمسلمين في هذا الشأن فعن جوده وكرمه حدث ولا حرج .  فعن جابر رضي الله عنه قال [ ما سئل النبي  صلى الله عليه وسلم عن شيء قط فقال لا] رواة البخاري في الأدب وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال [ كان النبي  صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وأجود الناس وأشجع الناس] رواه البخاري وعن ابن عباس رضي الله عنه قال [ كان النبي  صلى الله عليه وسلم أجود الناس وأجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان يلقاه كل ليله في رمضان فيدارسه القرآن فلرسول الله  صلى الله عليه وسلم أجود من الريح المرسلة ] رواه البخاري
وأتاه رجل فسأله فأعطاه غنماً سدت ما بين جبلين فرجع إلى قومه وقال أسلموا فـإن محمــداً يعطى عطاء من لا يخشى الفقر . وما راينا كرما كالذي قام به الانصار للمهاجرين حين وفدو اليهم فشاطروهم اموالهم ولم يبخلوا بل قاموا بما لم يقم به كريم حين كان الانصاري يقول لا خيه المهاجر هذه زوجاتي فاختر لنفسك ما تطيب به نفسك منهن اطلقها فتتزوجها هل رايتم اكثر من هذا كرما وجودا
لقد كان كرم العربي سجيه ولهذا ارتبط باجتناب المن والاذي وببشاشه الوجه عند العطاء وفي هذا يقول زهير ابن ابي سلماء من قصيده طويله ( تراه اذا ما جئته متهللا = كانك تعطيه الذي هو سائله) وهذا ابو تمام يمدح المعتصم فيقول ( هو اليم من أي النواحي اتيته = فلجته المعروف والجود ساحله )( تعود بسط الكف حتى لو انه = ثناها لقبض لم تطععه انامله)( ولو لم يكن في كفه غير روحه = لجاد بها فليتق الله سائله)( عطاء لو اسطاع الذي يستميحه = لاصبح من بين الورى وهو عاذله)
قيل إن عبد المطلب كان يأمر أولاده بترك الظلم والبغي، ويحثّهم على مكارم الأخلاق، وينهاهم عن دنيّات الأُمور.وكان كثير الكرم، حيث إنّه قد لُقّب بالفيّاض مُطعم الوحش والطير،ولشدّة كرمه أطلقت عليه العرب إبراهيمَ الثاني والواقع ان الشواهد كثيره وطويله ولكننا ايضا نطرح السئوال القاسى على انفسنا ما ذا بقى لنا من كرم العرب  الجاهلي وماذا بقى لنا من كرم المسلمين الاوائل وهل بقى في الناس من كرم وهل لا زال الجيران يتهادون فيما بينهم كما كانو بعض الماكولات البسيطه  وهل يتفقد الغني اصحاب الكفاف في مجتمعهم وهنا ايضا لا نريد ان ننظر ونقول ان الكرم قد انتهى ولم يعد لدى العرب في هذا الزمان  تلك الفضيله ولكننا نقول ان الكرم اختفى واستحى واصبح خجلا لا يطل براسه واصبح الكرام قليلون في العطاء يقول السموأل ابن عادياء(تُعَيِّرُنا أَنّا قَليلٌ عَديدُنا =  فَقُلتُ لَها إِنَّ الكِرامَ قَليلُ) وهذا لا يعني انه ليس هناك كرماء ولكن اين منهم كرم العرب  الجاهليين واين منهم كرم الانصار واين منهم كرم المسلمون في العصر الاول بل اين منهم كرم النصارى واصحاب المال في هذا ازمان ممن لا يدين بدين الاسلام ونحن نسمع عنهم انهم يتبرعون بالمليارات ومئات الملايين تذهب الى محتاجهم ومريضهم بينما تفتك الامراض بالمسلمين ويموت المسلمون في شتى بقاع الارض من المرض والفقر والحروب ولو قيض الله للاغنياء ان يخرجون زكواتهم المستحقه وتذهب في طرقها لتصل الى مستحقيها لكفت ووفت عن مطلب الجود والكرم وهاهي الملايين تذهب لانشاء مراكز اللهو واقتناء اغرب الامور وعمل البرامج الساخره والداعره التي يدغع اليها بالمليارات وشراء المنازل الفاخره في شتى بقاع الارض وربما لا يسكنها شاريها الا يوما او بضع يوم وربما لا يعلم عنها شيئا وتبذل الدول الغنيه المليارات ليس في سبيل تنميه مجتمعات اسلاميه بل في سبيل افقار شعوب اسلاميه فهل يمكننا ان نقول ان هناك بالمطلق كرم عربي بقى ونحن نرى الفقر ينخر في ملايين المسلمين والعرب من الصومال الى جيبوتي الى اليمن الى كافه بقاع العالم الاسلامي ونكرر ايضا السوال المؤلم  المطلوب الاجابه عليه هل تعتقد ان العرب كرماء في وقتنا الحاضر- ولا نود الاسترسال في هذا الموضوع الذي يجهد النفس الكئيبه اصلا ويجعل المسلم يحقد على اخيه المسلم لانه لم يكن كما عرب الجاهليه في كرمهم ولم يكن كما الانصار في جودهم ولا اللمسلمين الاوائل في عطائهم بل عطل حتى حق الله على الغني للفقير -
ومن الحسنات لدى العربي  الوفاء بالعهود وعدم نكثها مهما كلفه ذلك  من ثمن وهو خلق سام شريف وجاء الإسلام بتقريره وتأكيده قال تعالى :{وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ}(177) سورة البقرة. في بيان صفات المؤمنين من سورة البقرة .ويعتبر الوفاء من أخلاق العرب الأصيلة، حيث إن الرجل منهم كان ينطق بالكلمة فتصبح عهداً، عليه أن يفي به وإلا عرّض شرفه للتجريح، وكان الغدر
معرة يتجافون عنها، وإذا ما غدر أحدهم رفعوا له لواءً بسوق عكاظ ليشهروا به،وفي ذلك يقول الحادرة (قطبة بن محصن) ، إنهم لم يغدروا وإنهم لن يأتوا ما يشكك حليفهم فيهم)
أَسُمَيَّ ويحكِ هل سمعتِ بغَدْرةٍ = رُفع اللواءُ لنا بها في مجمعِ
إنا نَعْفُّ فلا نُريبُ حليفَنا = ونَكُفُّ شُحَّ نفوسِنا في المطمعِ) لقد كان الوفى خلقا تربى عليه الجاهلي من العرب وبه نصروا الحليف وساعدوا المحتاج فكانو يوفون بمن يجاورون وبمن يعاهدون وبمن يحبون ويوفون اكثر بمن يصنع معهم المعروف ويجازونه بالاحسان قال تعالى {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً }الإنسان7 ومن الامثله ما فعله عبد الله بن جُدعان في حرب الفِجَار التي دارت بين كنانة وهوازن، إذ جاء حرب بن أمية إليه وقال له: احتبس قبلك سلاح هوازن، فقال له عبد الله: أبالغدر تأمرني يا حرب؟  والله لو أعلم أنه لا يبقي منها إلا سيف، إلا ضُربت به، ولا رمح إلا طُعنت به ما أمسكت منها شيئاً. وكان من وفائه أن العرب إذا قَدِمت عكاظاً دفعت أسلحتها إلى عبد الله بن جدعان، حتى يفرغوا من أسواقهم وحجهم، ثم يردها عليهم إذا ظعنوا من مكة إلى مضارب قومهم ومن أنواع الوفاء: وفاء العربى لأهل عصبيته، فليس له أن يخالفهم مهما كانت درجة الخلاف معهم لأنه واحد منهم وما يصيبهم يصيبه، وقد عاب الناس الغادر وناكر الجميل والاحسان وناقض العهود  وعيروا به، فإذا شتموا شخصاً، قالوا له: يا غُدَر وبرغم ان الوفاء للعصبيه وفي احيان كثيره يكون الوفاء لها في غير موضوعه حتى انهم كما تحكي الروايه التاليه عن الاحنف بن قيس  وفي أحد الايام كان جالسا في مجلس الخليفة معاويه ابن سفيان  فعاتبه معاوية لوقوفه في صف علي ابن ابي طالب  وخاطبه بـيا احنف، فرد عليه الاحنف بيا معاوية, فلما ترفق معه معاوية وقال له عهدتك حليما يا أبا صخر, فرد عليه الاحنف ليس على الند يا أمير المؤمنين, وكانت ابنة معاوية تسمع حوارهما وتتعجب من هذا الرجل الذي يرد على الخليفة بهذا الأسلوب فقال لها معاوية: هذا الذي إذا غضب, غضب لغضبه مئة الف فارس من بني تميم لا يسألونه فيما غضبوا هذه المزيه تكون في احيان كثيره علامه على الغلو والتخلف فكم من شخص استطاع تجميع ابناء قبيلته او طائفته  على باطل لم يتبنوه بل كانو تابعين له دون ان يمحصون الامور .  إن قصص الوفاء فريدة عند أهل الجاهلية، وممن ضُرب بوفائه المثل:عمير بن سلمى الحنفي، إذ استجار به رجل من بني عامر بن كلاب، وكانت معه امرأة جميلة، فرآها (قرين بن سلمى الحنفي) أخو عمير، وصار يتحدث إليها، فنهاها زوجها بعد أن علم فانتهت فلما رأى قرين ذلك وثب على زوجها فقتله، وعمير غائب، فأتى أخو المقتول قبر سلمى وعاذ به، فلما قدم عمير أخذ أخاه وأبى إلا قتله أو أن يعفو عنه جاره، وأبى أخو المقتول أخذ الدية ولو ضوعفت، فأخذ عندئذ عمير أخاه وقتله لغدره وفاءً لجاره [.كان الجاهلي إذا قال كلمة وفى بها، ولو أدت به إلى القتل، أو إلى قتل قريب عزيز عليه، فالرجل الحنفي قتل أخاه، كل ذلك وفاءً بالعهود والمواثيق، وأين من هذا الوفاء ما يحصل من غدر في أيامنا هذه؟ وما بال الوفاء يئن جريحاً عند كثير من الناس حتى الطيبين منهم؟ ! فكثرت الشكوى وعم البلاء؟ ! على أن هذا الخلق وإن اتصف به أكثر العرب إلا أن لكل قاعدة شواذ والأمور نسبية، إذ كان الغدر (كذلك) منتشراً معروفاً، يقول امرؤ القيس ذاكراً انتشار الغدر بين بعض القوم (إذا قلت هذا صاحب قد رضيته .= وقرَّت به العينان بدلت آخرا)(كذلك جدي ما أصاحب صاحباً = من الناس إلا خانني وتغيرا)ويقول أوس بن حجر (وإنى رأيت الناس إلا أقلهم =  خفاف العهود يكثرون التنقُّلا) ان العربي لا يغدر ولا ينكر المعروف ويجازي على الاحسان ولكن لا بد من استثناءات لقله من الانذال لا تكتفي بنكران الجميل بل وتفجر في الخصومه وتنسى الجميل ويكون رد الجميل بجزاء سنمار ولهذا التفصيل بقيه-ان الطريق صعب مرتقاه كثيره عوائقه طويله مساراته ونحن اذا نقتطف من هنا وهناك ونضع بعض خربشاتنا تجميلا وتفصيلا وتحسينا ونربط هذا بذلك  من اجل اخراج موضوع مترابط بقدر الامكان ولاننا في دائره واطار العرب وما فيهم من فضائل وقد وجدنا اننا نغوص في البحار نلتقط اللالئ فاننا نرصف مسارا اخر لكي نكشف عن غلو وعنصريه وتكبر وتجبر واخلاق سئيه لدى العرب واذا اطلنا في وصف المحاسن فاننا نعتذر وقد كان باستطاعتنا ان نجزء المواضيع بشكل حلقات من صفحتين او اقل  ونوردهن بشكل يومي او يوم بعد اخر الا اننا ارتئينا ان يكون الموعد كل اسبوع في حد معين لا نزيد عليه وبغير هذا ا نرى ان الامر سيطول اطاله لا يمكنني انا شخصيا ان اتحملها لما فيها من تبعات لا يعلمها الا من عرف قيمه البحث والقراءه والكتابه والتمحيص والتدقيق وربط التفاصيل بعضها ببعض ولا ادعي انني عالم بذلك ولكن لي فضول في هذا الجانب واسير على جانب شاطي البحر لا اخوض فيه ولا اغوص فلست من فرسانه -وللموضوع بقيه فاننا كما افضنا في وصف المحاسن فاننا سنطيل في وصف الاضداد وهو الامر الذي لم نتبعه مع الامم التي شرحنا بعضا من غلوائها وغلوها والسبب اننا من العرب وان اهل مكه ادرى بشعابها –

سعيد كرامه عوض احمد بن عبيد بن عبد – الكويت الخميس 27/3/2014 ( alenati)



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق