الثلاثاء، 2 فبراير 2016

(5)علموا اولادكم السباحه والرمايه وركوب الخيل) تابع

(5)علموا اولادكم السباحه والرمايه وركوب الخيل) تابع
لا زلنا في سعينا لفك التشابك واظهار الفوارق بين الهوكه والتنصوره وارتباطهما بالزفوف والزوامل وارتباط كل ذلك بالقبوله وبالحروب والغارات – ولا بد من ايضاح لفك هذه الطلاسم التي قد لا يفهم صغار السن اهدافها او مراميها ومن البديهي القول بان الحضارم امة ذات تاريخ عريق يشهد على ذلك تنوع الموروث الشعبي والفني والثقافي ففي حضرموت على وجه التحديد ستجد ان لكل قريه موروث متميز ولكل قبيله اسلوب مختلف ولكل عمل فنه ورقصاته واغانيه وهو امر اعتقد جازما انه لا يوجد سوى في حضرموت الفن والثقافه والانسان اذا فان الهوكه جمعها (هوك)ويهوك الشخص اي يصرخ عاليا والشاعر محفوظ العطيشي يقول ( كنت في القصر وحدي حال ما حد درى بي = انما اليوم هاكوا فيه صيعر وهمدان)اما للنداء فرحا ويتم ذلك على راس العريس عند القيام برقصه الحناء او في عند القيام بغسل العريس قبل الحراوه وهي عاده انتهت ولم يعد احدا يمارسها وكان العريس يغسل في موقع مكشوف وتقوم النساء بالزغاريد او بالحجير كما يقال له عند نساء الحضارم - ويتم غسل العريس بالحتيكه والسدر والصابون ويحضر اقارب واصدقاء العريس واهل المنطقه ويرقصون على اصوات الهاجر والمراويس من خلال فرقه ال طبيق المشهوره ومن العادات ان الذي يقوم بغسل العريس ياخذا معوز او صاروم العريس بعد غسله وفي ليله الحناء تجد اصدقاء العريس يدورون به دورات على وقع الموسيقى والات الطرب وعلى اغاني محدده وبين فينه واخرى يقومون بالهوكه على راسه مرددين الصرخات المعتاده ويعقبونها بالتنصوره وهي ما سبق ان شرحناه( يالله غليبه يالله مبارك واالا كهب ويه)وتقوم الهوكه او الصياح في حالات التشجيع والدفع للحرب او للغزو او للقنص من خلال استحثاث القوه والشجاعه في نفوس المشاركين وبين جموعهم وهي ايضا علامه الوقف والفصل بين اقوال الشعراء وكما اسفلنا في بيت المعلم عبد الحق ولا نعلم هل استنسخ الانسان الهوكه من حركة الاشياء والحيوانات حوله فالصراخ قضيه يحسها كل فرد منا تبداء من صياح الديكه قرب الفجر فاذا ما بداء ديك بالصراخ تبعته بقيه الديكه - يقول المحضار في ذلك (قدمتهم وبقيت تالي = وسهرت وسليت الليالي = ياريتهم رثيوا لحالي = سهران لمّا يصرخ الديك = ياغصن من شجره دنى = يا بخيت من يسقي ويجنيك ) او اخذوه من هديل العول والحمام وما ان تهدل عوله او حمامه حتى يردد خلفها بقيه السرب الهديل الجماعي في تناغم جميل - وقد كانت عينات في وقت مضى مرتع للعول والحمام وكانت مواقع تجمعهم معلومه وكنا نشاهد اسرابهم الكثيره تحط من كوده الى كوده للاسف انقرضت تلك الصور من وقتنا الحالي - او لعلهم اخذوه من نهيق الحمير ايضا كانت عينات مكتظه بالحمير لكونها تمثل وسيله النقل في تلك الحقبه فكل بيت تقريبا تحته حمار ومن الغريب انه عندما ينهق احد الحمير فان اصوات النهيق تتجلجل من انحاء البلده وكانما هي تحيي او تخاطب او تشتكي لبعضها من ظلم الانسان او لعلها تردد هوكه او تنصوره من خلال لغتها الخاصه- او لعلهم اخذوه من نباح الكلب وايضا كان في عينات كلاب كثيره بعضها مستانسه وبعضها عقوره ويسمونها مسلع وبعضها للحراسه وايضا فانه ما ان ينبح احد الكلاب حتى تتردد في انحاء المنطقه نباح الكلاب وهكذا ايضا عند عواء الكلاب او الذئاب بالليل فان عوى كلب او ذئب فان البقيه تتبعه ويحاول اهل المنازل القريبه منه اثنائه ولو برميه او رميهم بالحصى ليسكتوهم لان الناس كانو يتطيرون من الكلاب او الذئاب العاويه وغالبا لا يكون العواء الا في عتيم الليليقول احد الشعراء ( لو كل كلب عوى القمته حجرا = لاصبح الصخر مثقالا بدينار) – او هل هو من نقيق الضفادع والتي كانت متوفره بكثيره بسبب هطول الامطار وجريان السيول واحيانا الذين يسكنون قرب مجاري السيول والامطار ربما لا ينعمون بالنوم الهانئ فاذا ما بدات ضفدعه بالنقيق تتبعها اخواتها – ايضا القرود لهم تصرف مشابه فيكثر صياحهم من على روس الاشجار وكانها تحذر بعضها بعضا من خطر داهم – وهل زار احدكم عدن وهي مدينه تفشى فيها وجود الغربان حتى اصبحت عند بعض الناس تسمى مدينه الغربان وهل استمع احدكم للغربان وهي تنعق اثناء طيرانها وتردد السماء نعيقها –ونعيق الغراب مشئوم كذلك كما هو عواء الكلب يقول المحضار( يا حصن مولى البناقل محلى ركونك = خيفان بعد الزوامل ينعق عليك الغراب = الحب فيه المزله والعفو عين الصواب =لي خربو دار بصعر بايخربونك خذ عشر خذ خمسة عشر لا بد لك من خراب = ما حد من الناس راضي والله بهونك =ولا حكم قط قاضي ذالا فتن او سباب )لا نود الاستفاظه اكثر مما شرحنا في جانب اصوات الحيوانات والطيور الا انه لابد لنا من التفكر في كيفيه ممارسه البشر للهوكه والتنصوره وتحت اي اسم وباي لغه كانت - اذا فالهوكه هي اطلاق اصوات النصر اما لاخافة العدو او لتشجيع الجمع وكيفيتها ادائها مختلفه الا ان الصوت العالي هو الاساس - وقد تفكرت في موضوع الهوكه التي هي اطلاق صوت طويل من الفم كان يقال (( اييييي او اووووواو صييييي اوييييييه) واظن ان هذا التصرف غارق في البعد الزماني ومن الماضي السحيق– ولا نعلم على سبيل التحديد من اين جائت ولا متى كانت الا ان بعض القبائل البدائيه كانت تمارسها ومن اطلع على الافلام الامريكيه يجد ان الهنود الحمر كانو يطلقون الصرخات من الفم غير انهم يقطعون تلك الصرخات الطويله المستمره بوضع الكف على الفم ورفعها بسرعات متفاوته فتنشاء صرخات متقطعه من افواههم وتلك الصرخات هي صرخات الحرب او الاستعداد للحرب او اثناء المعركه بهدف ارباك واخافة الاعداء ويبداءون في رقصات على ايقاعات الطبول مع حركات محدده والقيام بصرخات اشبه ما تكون الى المناجاه اكثر منها للعويل والصياح ولا يمكن البعد عما تفعله نسائنا ونساء العالم في اطلاق الزغاريد او الحجير اوالولولات كما يقال في مصر بان المراه تولول اي تطلق اصوات شبيهه بالزعيق ولهذا يطلقون على المراه اسم الوليه من الولوله – والنساء في العاده تطلق الزغاريد في اثناء الافراح والولاده والزواجات وعودة المسافرين وقد تكون الزعروده صوت مستمر من الفم يطلق هكذا( وييييييه وييييييه) وقد يطلق باسلوب اخر حين تحرك المراه لسانها في فمها اثناء الزعرده فيكون الصوت اشبه بلفظ حرف اللام( لولولولو)اما رجال زف القنيص فان الهوكه عندهم تاتي مره واحده فقط بعد استكمال بيت التنصوره اما بقول ( مصييي ) او بقول ( ويييي)ان الصوت الذي يخرج من الفم يميزه كل فصيل بفهمه الخاص حتى ولو لم نعرف معناه ومع ان الزعرده والولوله او الهوكه او التنصوره امر نقوم بها مع سبق الاصرار والترصد ولا تاتي بسبب فسيولوجي واحيانا سيكلوجي- بعكس الضحك او البكاء الذان يحتاجان الى اسباب – ان ارتباط الهوكه والتنصوره بالحرب والغزو امر موكد وقد شاهدنا تطور رقصة الشبواني على سبيل المثال وهي رقصه حربيه لبدايه المعركه وكانت تنفذ من قبل المحاربين ولا بد انها تحورت وتطورت فبدلا من حمل السيوف استبدلت السيوف بالعصي والهراوات واصبحت العصي تصطك بعضها ببعض ولا بد ان الهوكه والتنصوره قد تحورت وتطورت في لعبه الشبواني الى ما نشاهده اليوم من الفصل بين اقوال الشعراء حيث يرون فقط ( واالا كهب واااالا كهب وااالا كهب- وتعني واللوم بهم واللوم بهمواللوم بهم )ثم يدخل الشاعر الى العظيده او المداره – وعوده للتنصوره فقد سال ابننا احمد الجعيدي عن التنصوره المشهوره وهي( الغلابه كم من قبيلي كسرنا نابه واللوم بهم واللوم بهم) وفي هذا المسار فان موضوع الناب امر يستوجب منا ان نوليه حقه ولو بالاشاره فقد ورد الناب في السنه المطهره قال صلى الله عليه وسلم ( حرم على أمتي كل ذي مخلب من الطير وكل ذي ناب من السباع ) رواه أبو داود وقد ورد الناب في كثير من الاشعار والمتنبي يقول( اذا رايت نيوب الليث بارزة= فلا تظن بان الليث يبتسم= اعيذها نظرات منك صادقة = ان تحسب الشحم فيمن شحمه ورم )والناب مهم جد للحيوان وللانسان على حد سواء فبدون الناب لا يستطيع الحيوان ان يقتل وينهش اللحم وكذلك الانسان تتعطل عنده كثير من ملذات الحياه فلا يقدر على عضعضة انثاه او نهش اللحوم ولا عض اعدائه عند اللزوم وتصبح ابتسامته غير جميله وتختل بقية اسنانه وتكون عرضه للسقوط وان فتح فاه بداء بشع الشكل وليت هذا هو السبب بالنسبه للعربي القح بل ان النابين واسمهما الثنيتين في العربيه من اهم الامور للشاعر والخطيب والمتكلم فبدون اللثنينين تضيع الحروف ولا يستوي الكلام بل قد يهجر الخطيب الخطابه ان نزعت ثنيتيه لان مخارج الاحرف عنده ستختل وسيصبح عرضه للاستهزاء من السفهاء قبل الحكماء –وكثيرا ما يولد الانسان ولديه عله في اللسان كان يلفظ الراء غاء مثلا الا ان العرب القدماء وما تميزت به اللغه العربيه من الشمول والتعردد تعطي للعربي القح القدره على تجاوز لفظ الراء – يقال ان واصل بن عطاء المخزومي – ابو حذيفه الملقب بالغزال الالثع وهو تلميذ الحسن البصري ومؤسس فرقة المعتزله اللتي كان سبب التسميه فيها قول الحسن البصري عندما اختلف مع تلميذه فانفرد عنه في زازيه من المسجد فقال قولته اعتزلنا واصل فكانت التسميه - كان على ما وهبه الله من فطانة وفصاحة وحسن تصرف في القول كان صاحب عاهة في نطق حرف الراء ولكنه كان من الفطنه بحيث انه يتجنب في حديثه نطق حرف الراء فيحيل البءر الى الجب والبر الى القمح والمطر الى الغيث والفراش الى المضجع والحفر الى النبش وسجل التاريخ له خطبا كثير وطويله لا تجد لحرف الراء فيها اثر – ولكن نزع الثنيتين امر يخيف الرجال ولهذا فان نزع الناب مولم وغاية في الاذلال – ويحكي عن سهيل بن عمرو يكنى أبا يزيد وهو خطيب قريش وفصيحهم، ومن أشرافهم. أسر في معركة بدر، وتأخر إسلامه إلى يوم فتح مكة وهو من أرسلته قريش إلى رسول
الله كمفاوض في صلح الحديبيه والقصة جميله ومشهوره ويحسن بالمسلم ان يطلع عليها ولولا خوف الاطاله لشرحتها وسهيل هو من قال يوم فتح مكه حين قال رسول الله يامعشر قريش ما تظنون اني فاعل بكم فقال سهيل نظن خيرا اخ كريم وابن اخ كريم فاجابه رسول الله اذهبوا فانتم الطلقاء – لقد تم اسر سهيل في في غزوه بدر وطلب عمر ابن الخطاب من الرسول قائل يارسول الله دعني انزع ثنيتي سهيل حتى لا يقوم عليك خطيبا بعد اليوم فاجابه رسول الله لا امثل باحد فيمثل الله بي وان كنت نبيا ثم قال له ياعمر لعل سهيل يقف غدا موقفا يسرك وهذه من كرامات النبوه وقد وقف سهيل عند وفاة النبي بالمدينه و كان بمكه فبلغهم الخبر وحصل هرج ومرج ورده لكثير من الناس وقد وقف سهيل موقفا يقال انه كرر كلام ابو بكر الصديق حين قال ايها الناس من يعبد محمد فان محمد قد مات ومن يعبد الله فان الله حي لا يموت – ان قصه هذا الصحابي واصحاب رسول الله يجب ان لا يغفل عنها ابناء المسلمين – رضي الله عن اصحاب رسول الله اجمعين-وعوده للتنصوره التي يرددها كل فصيل بما يحب وهي ( الغلابه كمن قبيلي كسنا نابه واللوم بهم) وما يرتبط بها من تفاخر للقبيله وذم لخصمها وقد تذهب احيانا للتفاخر والعصبيه المذمومه وهم هنا يربطون بين قبيلتهم الغلابه اي الغالبه لغيرها وبين كسر الناب لخصومهم دليل على اهانته ويرتبط الامر اكثر عند قول الشعر والمراجز والمدح والذم وهو امر سنتعرض له دون توسع لما فيه من المحتوى العظيم والواسع ومن لا يربطه جذر قبيلي معلوم فانه لا يذكر اسم القبيله بل يكتفي بالقول ( الغلابه) او نحنا الاسود الغلابه) او حاره غلابه او دمنه غلابه اوبنقله غلابه او كبس غلابه اوقريه غلابه بينما من يتجذرون بالقبوله فانهم يقولون( سيبان الغلابه* همدان الغلابه * كنده الغلابه * ويقال ان قبيله يافع هي من استحدث هذه التنصوره وهم يقولونها بطريقه اخري ( يافع غلابه كم من قبيلي كسرنابه) فلا يقولون كسرنا نابه بل يقال كسرنابه اي كسرنا القبيله وليس الناب – على ان الامر فيه متسع للخلاف – والحضارم يقولون كسرنا نابه وفي هذا يقول المعلم عبد الحق( تمت لكم ياهل الثناء والجوده = شو من طعن في الخصم علق نابه) وكاني به يستحضر طرق صيادي الوحوش في مجاهل افريقيا عندما يصطادون اسدا او فهد فانهم ينزعون اسنان الطريده ويجعلونها عقودا تعلق على رقاب الحسناوات وقد تقدم كهدايا ثمينه للموسرين – يوكد هذا المبداء قول الشاعر سلامه عوض الكثيري يخاطب البكري حيث قال( وان جيت يالبكري بغيت الوادي = ذه ما يعدي لا التقين اشعابه = كم قوم ذي جاته وانا عامد به = كم من قبيلي قد كسرنا نابه) وفي تخاطب لشعراء المداره بين الشاعرين زحفان و ابو سراجين يقول زحفان( حليلتي تصهل صهيل= منها ذياب الخلا اسها بها= خليت كم من عدو شد الرحيل = والشيخ يعلم وهو داري بها) فيرد عليه ابو سراجين قائل( نحنا قبايل ومنها ما نميل = كم من قبيله كسرنا نابها = وتشهد الشحر سمعون الكحيل = والمصنعه لي فتحنا بابها -
لازال في القوس منزع وفي الكنانه سهام وفي جراب الحاوي محتوى و قول يتردد بين بنات افكاره – سنتابع السير لنرى الى اين نصل وبالله التوفيق-
سعيد كرامه بن عبيد بن عبد – الكويت - الخميس 28 يناير 2016م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق